نداء جاد إلى أمة الإسلام في جميع أنحاء العالم

نداء جاد إلى أمة الإسلام في جميع أنحاء العالم

((من معالي الشيخ الحافظ المفتي أحمد الله الموقر-حفظه الله-))

(( رئيس المفتين بالجامعة الإسلامية فتية، شيتاغونغ، بنغلاديش))

من المعلوم أن هناك وباء رهيبا و جائحة عامة تسمى بـ”فيروس كورونا”، إنه يواصل منذ عام، بل منذ عامين في جميع أنحاء العالم. ففي هذا الوضع الرهيب ماذا نفعل؟ وما هي مسئوليتنا الإيمانية؟

إن إلقاء نظرة فاحصة على الآيات القرآنية والآحاديث النبوية يبين بوضوح أن عصيان الله –تعالى- وطغيانه عندما ينتشر في العالم؛ كالسرقة والخيانة، والزنا واللواطة، والربا والرشوة، وشرب الخمر ولعب القمار، وما إلى ذلك من الكبائر و الفواحش، فينزل الله -عز وجل- على الأرض مثل هذا الوباء القاتل كعقاب دنيوي، ليتحذر الناس من الله، و ليبتعد الإنسان عن معصية الله وطغيانه، وليسرع العباد إلى عبادة رب العباد.

عباد الله !

في الواقع أن الله –تعالى- خلق الإنس والجان، لعبادته وطاعته، كما قال -تعالى- في القرآن الحكيم : وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إلاَّ لِيَعْبُدُونِ (الذاريات : 58) أي إني خلقت الجن والبشر ليعبدوني فحسب. فأما إذا ترك العبد عبادة الله وإطاعته، بل استمر في معصيته وطغيانه، يعاقبه في الدنيا عقابا، ليتوب إلى الله ويرجع إليه، كما قال الله –تعالى- : وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (السجدة: 21) أي ، سنجعلهم يتذوقون عقابًا صغيرًا قبل الساعة . فإذا عاد العبد إلى الله –تعالى- بالتوبة والاستغفار، ذهب الله بمثل هذا الوباء القاتل على نطاق واسع. لأن الله -سبحانه وتعالى- يقول : وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (الأنفال: 33). أي إِنَّ اللَّهَ لا يعذب أمّة ونبيّهم فيهم، وأيضا لَا يُعَذِّبُنَا ونحن نستغفر.

ياأمة الإسلام البائسة!

هنا ينبغي أن نتذكر قصة قوم يونس -عليه السلام- التى بينها العلامة عماد الدين بن كثير-رحمه الله- في تفسيره،  فقال : هذه القصة مذكورة ههنا ، وفي سورة الصافات ،  وفي سورة ن ،  وذلك أن يونس بن متى -عليه السلام- بعثه الله إلى أهل قرية نينوى، وهي قرية من أرض الموصل، فدعاهم إلى الله -تعالى- فأبوا عليه وتمادوا على كفرهم،  فخرج من بين أظهرهم مغاضبا لهم، ووعدهم بالعذاب بعد ثلاث، فلما تحققوا منه ذلك، وعلموا أن النبي لا يكذب، خرجوا إلى الصحراء بأطفالهم وأنعامهم ومواشيهم ، وفرقوا بين الأمهات وأولادها، ثم تضرعوا إلى الله -عز وجل- وجأروا إليه، ورغت الإبل وفصلانها، وخارت البقر وأولادها، وثغت الغنم وسخالها، فرفع الله عنهم العذاب. قال الله –تعالى- : ” فلو لا كانت قرية آمنت فنفعها إيمانها إلا قوم يونس، لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ومتعناهم إلى حين “. (سورة يونس : 98)   (تفسير ابن كثير : الجزء : 17، الصفحة : 329).

وأما إذا استمر العبد في معصية الله وارتكاب الذنوب بدلاً من التوبة إلى الله وإنابته ، أنزل الله -عز وجل- عذابا عظيما على نطاق واسع، وعندئذ لن يخلص أحد من العذاب حتى الصلحاء، ولن تقبل دعواتهم ولن يستجاب دعائهم. كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- : أوحي الله -عز و جل- إلى جبريل-عليه السلام- أن أقلب مدينة كذا و كذا بأهلها : فقال يا رب إن فيهم عبدك فلانا، لم يعصك طرفة عين : فقال : اقلبها عليه و عليهم فإن وجهه لم يتمعر في ساعة قط، (رواه البيهقي في شعب الإيمان : رقم الحديث : 7595) وأيضا قال تعالى : وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَاب (الأنفال:25).

يا أمة محمد (صلى الله عليه وسلم) في جميع أنحاء العالم !

ففي مثل هذا الوضع المأساوي العالمي يجب علينا أن نترك معصية الله وطغيانه، وأن نتبع سبيل الرحمة والطاعة. وخاصة يجب علينا افتتاح الأماكن المقدسة، التي يستمر فيها نزول الرحمة والبركات ، على سببل المثال؛ افتتاح الحرمين الشريفين –زادهما الله عزا وشرفا- وافتتاح المساجد العامة ، وفتح المدارس الدينية ، وما إلى ذلك من الأماكن المقدسة، حتى يتمكن الرحلة إليها المسلمون من أنحاء العالم ، لنيل الرحمة والبركات من الله العزيز الغفار، بالتوبة والاستغفار والتعبد فيها. وإلا فسيكون خطر عظيم من الأوبئة والعذابات الرهيبة. والله يحفظنا جميعا، امين يا رب العالمين.

التعريب : محمد سليم الدين المهدي القاسمي : أستاذ الجامعة الإسلامية فتية، شيتاغونغ، بنغلاديش.

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on linkedin
LinkedIn
Share on skype
Skype
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on email
Email
Share on print
Print

সংবাদ

নোটিশ